الحرب النووية



بحسب قدراتها والمواصفات الفنية وطريقة الانفجار، فإن الأسلحة النووية المتوفرة حالياً الأكثر قوة سوف تؤدي إلى 80 إلى 95% وفيات أكثر في نصف قطر يبلغ 4 كيلومترات من نقطة انفجارها، وأضرار جسيمة تبلغ ما يناهز ستة أمثال حجم الدمار هذا. الترسانات الكبيرة المتوفرة حالياً تملكها الولايات المتحدة وروسيا، حيث تسيطر كل منهما على نحو 7 آلاف رأس حربية. هناك سبع دول أخرى معروف أن لديها أسلحة نووية: المملكة المتحدة، فرنسا، الصين، الهند، باكستان، كوريا الشمالية، إسرائيل. توجد سيناريوهات متخيلة عديدة حول الاستخدام العمدي للأسلحة النووية، لكنها يمكن أن تنطلق أيضاً عن طريق الخطأ، ما يؤدي إلى حرب نووية، كما كاد يحدث عدة مرات منذ 1945.
إضافة إلى آثارها التدميرية وقت الانفجار، فإن الأسلحة النووية يمكن أن تؤدي إلى ما يُسمى "الشتاء النووي"، حيث تتجمع سحب من التراب والكبريتات تُطلقها مواد حارقة تحجب الشمس وتبرد الكوكب لأشهر أو سنوات. بحسب إحدى النماذج القائمة، فإن تبادل إطلاق أربعة آلاف رأس نووية، إضافة إلى الفقدان الهائل في الأرواح والمدن، سوف يُطلق 150 تيراغرام من الدخان، ما يؤدي إلى انحسار درجة الحرارة العالمية بواقع 8 درجات لفترة 4 إلى 5 سنوات، وخلال تلك الفترة سيكون إنتاج الغذاء عملية صعبة للغاية. يُرجح أن يؤدي هذا إلى فترة من الفوضى والعنف، وخلالها قد يموت أغلب سكان العالم من الجوع.

ما هي العوامل الأساسية المؤثرة على تحديد مستويات الخطر؟

  • الإنقاص المستمر من أحجام ترسانة الأسلحة النووية يمكن أن يقلص بشكل عام من مستوى احتمالية تحقق خطر الحرب النووية. إذا تم أيضاً توجيه الاهتمام إلى التوترات الجيوسياسية مع استمرار جهود تحقيق العدالة الدولية، فسوف يقلص هذا من الخطر غير المباشر، الخاص ببدء حرب نووية عمدية. إضافة للمذكور، فإن السيطرة على انتشار الأسلحة النووية والحد من انتشارها إلى دول جديدة، يحد من عدد النزاعات النووية المحتملة.
  • يعتمد خطر الاستخدام غير المقصود إلى حد بعيد على التدابير الخاصة باتخاذ القرار المُطبقة بشأن إطلاق الصواريخ الحاملة لرؤوس نووية. هناك المئات من الأسلحة النووية في حالة جاهزية حالياً، ويمكن إطلاقها في ظرف دقائق بناء على أمر. زيادة مدة اتخاذ القرار والمشاورات الأعرض أمر قادر على تقليص خطر الإطلاق غير المصرح به لأسلحة نووية أو الإطلاق غير المقصود، بناء على سوء تفسير لقرار أو إنذارات كاذبة.
  • زيادة الوعي والفهم للآثار الخطيرة للأسلحة النووية على الحياة البشرية والبنية التحتية الاقتصادية والنظام الاجتماعي والمناخ العالمي، ما قد يؤدي إلى كسب الدعم الشعبي لتفادي تهديد الحرب النووية.

الأمن النووي

يتطلب إنتاج الأسلحة النووية مواد خام نادرة، يتطلب إنتاجها بدوره تكنولوجيا معقدة. يحد هذا نظرياً من خطر انتشار السلاح النووي. لكن توجد مخزونات من هذه المواد في بلدان لديها أسلحة نووية، وتثير ظروف تخزينها مخاوف أمنية. إضافة للمذكور، فالتكنولوجيا النووية تستخدم في أغراض مدنية – في إنتاج الطاقة والأدوية بالأساس – وتؤدي إلى مواد مشعة يمكن استخدامها في التدمير، في هيئة ما يُطلق عليه "القنبلة القذرة" التي تنشر مواداً مشعة على نطاق جغرافي كبير. إذا توفرت مواد نووية مناسبة، يمكن للمنظمات الإرهابية استهداف مراكز حضرية كبرى، وبحسب نوع القنبلة المستخدمة، قد يؤدي هذا إلى وفيات كثيرة، وتلويث مناطق لعقود من الزمن. رغم أنه من غير المرجح للغاية أن يتم تصعيد سيناريو كهذا إلى مستوى حرب نووية عالمية، فهو يؤدي إلى حالة من الفوضى في النظم الاجتماعية والاقتصادية.

تطور الاحتمال على مر الزمن

عندما نسمع بأنه من المقدر ألا تزيد احتمالية الحرب النووية العالمية عن 1% أو 0.1% أو 0.01% كل عام، فقد يبدو هذا التقدير متواضع للغاية بشكل مطمئن، لكن ماذا لو تزايد الاحتمال مع مرور الزمن؟ لنتخيل أنك تلعب لعبة ملك وكتابة بعملة معدنية مرة في العام. ما احتمال ألا تقع العملة على جانب الملك على مدار عدد من السنوات؟ على مدار عام واحد فالاحتمال هو 50%. على مدار عامين يهبط إلى 25%، ثم 12.5% على مدار ثلاث سنوات ثم 6.25% في أربع سنوات، بناء على منحنى متناقص بشكل مطرد (أسي). باستخدام نفس المنطق، إذا كان الاحتمال هو 99.9% بألا تحدث حرب نووية العام القادم، فهذا العدد ينخفض على نفس المنحنى الأسي إلى أعلى من 99% بقليل على مدار عشر سنوات، وإلى 90.5% على مدار قرن، وهذا يعني أن احتمال وقوع حرب نووية خلال المائة سنة القادمة سيكون 9.5%.
لكن هناك عنصران يتحديان هذا النموذج المنطقي البحت. أولاً، المنطق يدعم فكرة أن الاحتمال يبقى ثابت مع مرور الوقت، وهو أمر غير مرجح واقعياً. في حالة الحرب النووية على سبيل المثال، فإن غياب اية واقعة قد تزيد من الإحساس بالأمن قد يؤدي إلى إرخاء الإجراءات الأمنية، ما يزيد من احتمال وقوع حادث غير مقصود. ثانياً، تقديرات الخطر عادة ما تكون خلافية، وفهمنا لسلسلة الدوافع والمسببات المتصلة يتناقص مع مرور الزمن. لهذا فإن الاحتمالات عادة ما تُقدم بصفتها قابلة للتغير، وليس كرقم واحد صحيح، أي الإقرار بأن كل التقديرات حول المستقبل، بينما هي تقديرات عن علم وبينة، تشمل هامش عدم يقين.

عندما أوشكت الحرب النووية على الوقوع

سيناريوهات الحرب النووية الأخطر قد تتحقق بسبب حادث أو سوء تفسير لقرار. كادت الحرب تنشب عدة مرات منذ 1945.

أثناء أزمة الصواريخ الكوبية في أكتوبر/تشرين الأول 1962، استهدفت الولايات المتحدة غواصة سوفيتية كانت تحمل رؤوس نووية. أراد اثنان من الضباط السوفييت الثلاثة إطلاق أسلحة نووية رداً على الهجوم. الإجراءات كانت تقتضي توافق الثلاثة على هذا القرار. لكن الضابط الثالث، فاسيلي أرخيبوف، رفض، ما أدى إلى عدم نشوب حرب نووية.

في سبتمبر/أيلول 1983 اكتشف قمر صناعي سوفيتي 5 صواريخ متجهة إلى الاتحاد السوفيتي.  كان أمام الضابط المسؤول، ستانيسلاف بيتروف، دقائق لاتخاذ قرار إن كان هذا إنذار خاطئ أم لا. كانت الإجراءات تتطلب منه أن ينبه رؤسائه، لكن انطلاقاً من إحساس داخلي، أبلغ عن الواقعة بأنها إنذار كاذب. كشفت التحقيقات لاحقاً أن الصواريخ النووية كانت في حقيقة الامر انعكاس الشمس على تجمعات من السحب.

في 25 يناير/كانون الثاني 1995 اكتشف رادار روسي صاروخاً علمياً لجمع بيانات عن الطقس فوق الساحل الشمالي للنرويج. اشتبه العاملون بأنه صاروخ نووي. تناقلت التقارير أن الرئيس يلتسن كان بصدد قرار إطلاق صواريخ نووية رداً على هذا. لكنه قرر ألا يفعل، وقد خمن – وكان تخمينه صحيحاً – أن الصاروخ ليس هجوم في حقيقة الأمر.

يمكن لسيناريوهات مشابهة في المستقبل أن تؤدي إلى نشوب حرب نووية عالمية.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشرة حقائق قاسية للحياة بعد الحرب النووية

ستالينغراد 43: كيف تهزم الحصار [1]

سيناريو يوم القيامة: هذا ما ستشهده الساعات الأولى بعد الانفجار النووي.. وهكذا تنجو