سيناريو يوم القيامة: هذا ما ستشهده الساعات الأولى بعد الانفجار النووي.. وهكذا تنجو


بات الحديث عن احتمال وقوع حرب نووية ممكناً منذ تبادل الرئيسان الأميركي دونالد ترامب والكوري الشمالي كم جونغ اون الحديث عن الأزرار الخاصة بإطلاق الأسلحة النووية.
عندما يفكر الناس في وقوع مثل الحرب النووية، فإنهم يتخيلون نوعاً من الدمار المتبادل تطلق خلاله دولتان سلسلة من الهجمات بالأسلحة النووية تجاه بعضهما البعض، مدمرة بذلك البنية التحتية للجيش والغذاء والطاقة في كلتا الدولتين، بالإضافة إلى هطول الأمطار المشعة على مساحات شاسعة من العالم.
ومع ذلك، رغم التوتر الحالي مع روسيا، فإن الهجوم باستخدام قنابل قذرة – وهو أحد الأسلحة النووية المكونة من متفجرات ونفايات نووية مشعة – أو الهجوم بشكل فردي من دولة مثل كوريا الشمالية مُحتمل حدوثه ولكن بنسبة ضئيلة، حسبما يرى مايكل ماي الاستاذ في جامعة ستانفورد في حديثه لموقع Live Science في وقت سابق.
وأضاف أن “تحليلات الحرب الباردة التي كانت تتنبأ بحرب إبادة كاملة بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة، يمكن أن تؤدي إلى سقوط 40 مليون ضحية على الأراضي الأميركية (فقط)، مع احتمال أن يلحق الدمار بالبنية التحتية للغذاء والمياه في هذا السيناريو، ما ينذر بكارثة”.
فيما يلي، نتخيل سيناريو وقوع الانفجار النووي في 5 مراحل:

الانفجار الفوري: دائرة القتل نصف قطرها 3200 متر


 يمكن لسلاح نووي زنة 10 كيلو طن – وهو ما يساوي حجم قنبلتي هيروشيما وناغازاكي -، أن يتسبب على الفور في مقتل 50% من الأشخاص المتواجدين على بعد ميلين (3,2 كيلومتر) من منطقة التفجير، حسبما جاء في تقرير نُشر في العام 2007، صادر عن ورشة عمل مشروع الدفاع الوقائي.
ويمكن أن تتسبب النيران والتعرض للإشعاعات المنبعثة من الانفجار بشكل مكثف والإصابات الأخرى القاتلة في تلك الوفيات. كما يمكن أن يتعرض بعض الأشخاص للإصابة نتيجة للضغط الناجم عن التفجير، في حين يمكن أن يتعرض معظمهم للإصابة بسبب المباني المنهارة أو الشظايا المتطايرة؛ فمعظم المباني الواقعة على بعد نصف ميل من الانفجار ستتعرض للانهيار أو تتضرر إلى حد كبير.
سيتعرض القليل من الناس للإصابة نتيجة للحروق الحرارية التي تسببها كرة النار التي تعقب التفجير. كما يمكن أن يتعرض الناس في هذه المنطقة لدرجات عالية جداً من النشاط الإشعاعي.
وحتى هؤلاء المتواجدون على بعد ميل من مركز الانفجار، ربما يكون لديهم الوقت لزيادة فرصهم في النجاة؛ حيث ينتقل وميض الضوء الناجم عن الانفجار بشكل أسرع بكثير من الضغط وموجات الصدمة، ما يعني أن الناس ربما يكون لديهم بعض الوقت لإغلاق أعينهم، والابتعاد عن النوافذ، والانحناء واتخاذ سواتر، بحسب تقرير ورشة عمل الدفاع الوقائي.
نصيحة: انتظر في المخابئ!
ويتوجب على أولى الجهات المستجيبة للاستغاثات، وعمال البحث والإنقاذ، الانتظار حتى تنخفض مستويات الإشعاع للدخول إلى هذه المناطق، ما يعني أن المساعدة ستكون محدودة. ورجّح ماي أن يتمكن الأشخاص الذين يمتلكون مخابئ تحت الأرض في منطقة الانفجار الأساسية من النجاة، إذا افترضنا وقوع انفجار نووي واحد.

سحابة عيش الغراب: الموت يطير مع اتجاه الريح

الخطر الفوري التالي للانفجار هو المواد المشعة المتساقطة. حين تنفجر قنبلة نووية، تسحق آلاف الأطنان من التربة، وتمزج بين هذه المادة والجزيئات المشعة الناتجة عن الانفجار. وتُشكل هذه العملية سحابة الفطر “عيش الغراب” الشهيرة، وبينما تطفو تلك الأطنان من جسيمات الرماد والصخور والغبار المشع فوق الأرض، ينبعث منها نشاط إشعاعي، وتستقر الجزيئات الأكبر والأثقل من الجليد النووي أولاً، ويسقط معظمها في منطقة الانفجار الأساسية. وربما تطير الجزيئات الأصغر إلى أعلى وتقطع مسافة أبعد تصل ما بين 10 إلى 20 ميلاً (من 16 إلى 32 كيلو متر) مع اتجاه الريح. إلا أن الجزء الأكبر من النشاط الإشعاعي سريعاً ما يتحلل بمرور الوقت وغالباً ما يستغرق وقتاً طويلاً ليعود مرة أخرى إلى مستوى الأرض.
وفي ظل عدم سقوط الجليد أو المطر – الذي من شأنه أن يساعد على استقرار المواد المشعة المتساقطة على الأرض بشكل أسرع – ربما يكون للجزيئات المتطايرة بعيداً نشاط إشعاعي مُصغر قبل أن تسقط على الأرض، طبقاً لما جاء في دليل “مهارات النجاة في الحرب النووية” “Nuclear War Survival Skills” (مختبر أوك ريدغ الوطني، 1987).
وبمرور 48 ساعة على الانفجار، فإن المنطقة التي تتعرض مبدئياً لـ 1000 رونتغن من الأشعة السينية (نسبة للعالم الألماني فيلهلم كونراد رونتغن مكتشف هذه الاشعة) في كل ساعة، ستتعرض فقط لـ 10 رونتغن إشعاعي في كل ساعة، بحسب دليل “مهارات النجاة في الحرب النووية”، ومن المحتمل أن يموت نصف الأشخاص الذين يتعرضون لجرعة كاملة من الإشعاع التي تصل إلى 350 رونتغن على مدار يومين نتيجة التسمم الإشعاعي الحاد. (علماً بأن التصوير بالأشعة المقطعية للمعدة مثلاً يُعرض الشخص لأقل من واحد رونتغن).
نصيحة: الانبطاح أرضا والاستحمام!
يمكن للمتواجدين في منطقة الانفجار اتخاذ بعض الاحتياطات لحماية أنفسهم. فعلى سبيل المثال، يمكنهم الدخول إلى مبنى محصن بشدة والابتعاد عن النوافذ، والبقاء منبطحين وتغطية أجسامهم باتخاذ سواتر (الانحناء والتغطية)، والانتظار على الأقل لمدة 30 ثانية عقب الانفجار حتى تنتهي موجات الصدمة؛ والمكوث في ملجأ حتى يُعلن عن الإخلاء بأمان. وبعد الانفجار، ينبغي على الناس خلع ملابسهم الخارجية والاستحمام إذا أمكن للتخلص من الجزيئات المشعة.

 اليود المشع في الهواء: تلوث الغذاء وانتشار السرطان

أثناء الحرب النووية الشاملة المحتملة، كما يضيف مايكل، قد تتعرض الإمدادات الغذائية لتلوث طويل الأمد. تسقط الجزيئات المشعة على الأراضي الزراعية التي تدخل ضمن الإمدادات الغذائية، ومن الممكن أن تتسبب فيما بعد بمشاكل طويلة الأجل مثل السرطان. وأضاف أن عنصر اليود المشع تحديداً يُمثل مشكلةً.
وأضاف: “تُخزن الأبقار اليود في الحليب ويخزن الأطفال اليود الموجود في الحليب في الغدد الدرقية، مما يؤدي إلى انتشار سرطان الغدة الدرقية حال وقوع حرب نووية”.

 عزلة تامة: تعطل الأجهزة بالنبضات الكهرومغناطيسية

تتسبب الانفجارات النووية بالنبضات الكهرومغناطيسية (EMPs) التي يمكن أن تلحق أضراراً بمجموعة واسعة من المعدات الكهربائية وأجهزة التواصل، وخاصة في مدى يتراوح بين ميلين وخمسة أميال (3,2 إلى 8 كيلومتر) من مستوى الأرض، أي انفجار بقوة 10 كيلوطن. وتتباطأ المركبات، وتتعطل وسائل التواصل والأبراج الخلوية، وتتوقف أجهزة الحاسوب، ومن الممكن أن يحل الدمار أيضاً بشبكة المياه والكهرباء.
نصيحة: استخدم أجهزة الكترونية جديدة!
ينبغي أن يأتي أول المستجيبين للإغاثة القادمين من خارج المنطقة بأجهزة الكترونية غير متأثرة وأن يكون باستطاعتهم تشغيل الأجهزة التي أصابتها الأعطال.

الاستعداد للأسوأ: تخزين الطعام ومواد الإسعافات الأولية

يعد تنسيق وتخطيط أول المستجيبين للإغاثة من الخطوات التمهيدية بالغة التأثير على مستوى الضحايا. ولكن يمكن أيضاً أن يتخذ الأفراد القليل من الخطوات الوقائية السهلة. وأشار ماي إلى أن الأثرياء قد يتمكنون من بناء مخابئ فاخرة قوية تحميهم من القنابل، لكن حتى الشخص العادي يمكنه اتخاذ بعض الخطوات لتقليل المخاطر. على سبيل المثال، الاحتفاظ بالمزيد من الطعام والمياه بالإضافة إلى الإسعافات الأولية المتاحة.
وتقتصر بعض الخطوات الأخرى على الهجوم النووي نفسه، كالاحتفاظ بأجهزة التنفس، مثل أقنعة الوجه، أو حتى قطع من القماش لتغطية الأنف والفم.
كما يمكن أن تتطلب الهجمات النووية وجود معدات لقياس نسبة الإشعاع. فالأشخاص الذين ينتظرون الخروج من مخبأهم بعد الانفجار يرغبون في معرفة المناطق التي بها مستويات خطيرة من الإشعاع. وبحسب ماي فمن الممكن “شراء مقياس للإشعاع بسهولة، فهي ليست غالية الثمن”، (نحو 100 دولار).

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

عشرة حقائق قاسية للحياة بعد الحرب النووية

ستالينغراد 43: كيف تهزم الحصار [1]